عدد الجيش:
أرسل عبيد الله بن زياد ـ والي الكوفة ـ ثلاثين ألف مقاتل، وقيل: أربعة آلاف مقاتل، بقيادة عمر بن سعد إلى كربلاء، لمقاتلة الإمام الحسين (عليه السلام)، ووعده إن هو قتل الإمام الحسين (عليه السلام) يُعطيهِ مُلك الري، فوصل الجيش في 13 محرّم 61 هـ إلى أرض كربلاء.
اجتماع عمر بن سعد مع الإمام الحسين (عليه السلام):
اجتمع عمر بن سعد مع الإمام الحسين (عليه السلام)، وسأله عن سبب مجيئه إلى الكوفة؟ فأجابه الإمام الحسين (عليه السلام): (كتب إلي أهل مصركم هذا أن أقدم، فأمّا إذا كرهتموني فإنّي انصرف عنكم).
كتاب عمر بن سعد إلى ابن زياد:
أرسل عمر بن سعد كتاباً إلى ابن زياد، يقترحُ عليه فكرةً توصَّل إليها مع الإمام (عليه السلام)، وهي أن يفتح المجال للإمام الحسين (عليه السلام) بالعودة، وعدم مقاتلته، وهذا نص الكتاب:
(أمّا بعد: فقد أطفأ الله النائرة، وجمع الكلمة، وأصلح أمر الأُمّة، وهذا حسين قد أعطاني أنّه يرجع إلى المكان الذي منه أتى، وأن يسير إلى ثغر من ثغور المسلمين، فيكون رجلاً من المسلمين، له ما لهم وعليه ما عليهم، أو أن يأتي أمير المؤمنين يزيد ويضع يده في يده، فيرى فيما بينه وبينه رأيه، وفي هذا رضاء الله تعالى وللأُمّة صلاح).
كتاب ابن زياد إلى عمر بن سعد:
أرسل ابن زياد كتاباً جوابياً إلى عمر بن سعد بيد شمر بن ذي الجوشن، وقال لشمر: فليعرض على الحسين وأصحابه النزول على حكمي، فإن فعلوا فليبعث بهم إليّ سلماً، وأن أبوا فليقاتلهم، فان فعل عمر فاسمع له وأطع، وأن أبى أن يقاتلهم فأنت أمير الجيش، فاضرب عنقه، وابعث إليّ برأسه، وكان في الكتاب: (إنِّي لم أبعَثْكَ إلى الحسين لِتكفَّ عنه، ولا لتطاوله، ولا لِتُمنيه السلامة والبقاء، ولا لتعتذرَ عنه عندي، ولا لتكون له شافعاً.
انظرْ فإن نزلَ الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا، فابعث بهم إليَّ سلماً، وأن أبوا فأرجف عليهم حتّى تقتلهم وتمثِّل بهم، فإنّهم لذلك مستحقُّون، فإن قُتِل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره، فإنّه عَاقٌ ظَلوم، فأن أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع.
فإنْ أبَيْتَ فاعتزل عملنا وجندنا، وخَلِّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر، فإنَّا أمرناه بأمرنا، والسلام).
موقف عمر بن سعد:
استلم ابن سعد الكتاب وقرأ ما فيه، وأخذ يصارع نفسَهُ بين مواجهة الإمام الحسين (عليه السلام) وقتله، التي يحلُم عن طريقه الحصول على السلطة والسياسة والمكانة المرموقة عند رؤسائه وقادته، وبين تحمُّل أوزار الجريمة، فسوَّلت له نفسه أن يُرجِّح السلطة والمال، وقرَّر أن يقود المعركة، بِمعونة شمر بن ذي الجوشن، لقتل الإمام الحسين (عليه السلام)، أهل بيته وأصحابه.
فو الله ما أدري وأنّي لواقف ** أفكر في أمري على خطرين
أأترك ملك الري والري منيتي ** أم أرجع مأثوماً بقتل حسين
ففي مثله النار التي ليس دونها ** حجاب وملك الري قرّة عيني
فعمد ابن سعد لإجبار الحسين (عليه السلام) للاستسلام أن قطع عليه طريق الماء، ولكن إباء الإمام وإصراره على عدم الرضوخ رغم الحشود التي تواجهه وقلّة الناصر.
ـــــــــ
روضة الواعظين: 182.